أسود الأطلس

فقرة تحليلية عن لقاء المنتخب المغربي و الطوغو



و تنفس المغاربة الصعداء أخيرا، بعد فوز المنتخب المغربي على نظيره الطوغولي بثلاثة أهداف لهدف منحتهم ثلاث نقاط غالية و ثمينة قد تكون بمثابة جرعة معنوية كبيرة نحو عبور دور المجموعات من بوابة الكوت ديفوار، حيث تكفي نقطة وحيدة لذلك.

في درجة رطوبة عالية، على غرار سابق الأيام بدولة الغابون .. دخل المنتخبان المغربي و الطوغولي مباراتهما الحاسمة و التي تأتي بعد تعادل إيجابي بين الكونغو الديموقراطية و ساحل العاج بهدفين لمثلهما ، عين المغاربة لم تتنازل على الثلاث نقاط منذ الخسارة في الجولة الأولى أمام المنتخب الكونغولي و التعثر الذي لم يكن منتظرا بالمرة و نزل كقطعة جليد لا ثلج على الشارع الرياضي المغربي خاصة و العربي بصفة عامة.
الفوز و لا شيء غير الفوز، نعم هكذا تمناها الجميع في النفوس و دعوات أمهات مغربيات كثيرة ترصد و تترقب ما قد يحدث بعد الصافرة الختامية للمالي ” مامادو كايتا ” ، هناك بملعب أوييم.
دخل ” هيرفي رينارد ” لقاء الأمس، بتشكيل مماثل لما أنهى به مباراته المنصرمة ضد الكونغو، بثلاثي دفاعي و لاعب إرتكاز وحيد، رفقة متوسط ميدان متعدد الأدوار و لاعبين على الأطراف يتمركز أمامهما لاعبي جناح و مهاجم رأس حربة وحيد.
دفع الناخب الوطني بطريقة 3-2-4-1 منذ البداية، و مع أول كرة ثابتة في اللقاء من ركنية لصالح الأسود و بعد هفوة في التغطية على مستوى منتصف الميدان صنع لاعبوا المنتخب الطوغولي إحدى أجمل الهجمات المرتدة في البطولة إن لم تكون أروعها على الإطلاق معلنين عن أول أهداف اللقاء من قدم محترف ستاندارلييج البلجيكي ” ماثيو دوسيفي ” بعد خمس دقائق فقط.
نعم خطأ مشترك بين أخر لاعبين في الظهر و من كانوا على خط التماس إثر ركنية مرتدة من الدفاع في صورة سيئة صعقت المتتبع المغربي، لكن لم يكن أحد ليعلم بأنها قد تكون بمثابة الضربة التي سوف تقوي و لن تقتل . 
الميزة الأساسية ، كانت تتجلى في الضغط العالي المتواصل عن طريق عزيز بوهدوز في الأمام و أيضا الخروج السريع لقطع الكرات من طرف حمزة منديل و نبيل درار و اللذان لعبا بتوظيفات مختلفة، بحيث تم الإعتماد على الأول في الجهة اليسرى كجناح فقط يوفق بين الأدوار الهجومية و الدفاعية ، في حين ركز زميله في الجهة اليمنى بشكل أكبر في التفاصيل الهجومية و كان يشكل إظافة مهمة داخل مربع عمليات الخصم خلال العرضيات المقابلة إذا لاحظتم ذلك طيلة الشوط الأول . 
– كأي مباراة تحتاج للاعب مفتاح يعطي الحلول و يوجه اللعب بشكل مميز ، حضر اليوم ” فيصل فجر ” بصورة غير متوقعة كأساسي و الجميل في الموضوع أنه بعد التسعين دقيقة حصد جائزة أفضل لاعب في المباراة .. شيء مذهل جدا أن نرى لاعبا يجيد تنفيذ الكرات الثابتة بتلك الصورة و يقوم بفك شفرة دفاع الخصم من كرتين إثنتين إنبرى لهما عزيز بوهدوز و غانم سايس تواليا قالبين الطاولة على الخصم خلال سبع دقائق فقط . 
– لو عدنا لمباراة الكونغو سويا ، لتحسرنا على تلك الهزيمة الخادعة جدا و التي كنا من خلالها الطرف الأفضل و لكن الفرق صنعه الكم الهائل من الكرات الثابتة التي لم يحسن كل من مهدي كارسيلا و مبارك بوصوفة تنفيذها و إستغلالها بشكل جيد حيث كان بمقدورها أن تصير حلا ناجعا لو تم التعامل معها بذكاء أكبر .
– هذا هو الفارق الذي إتضح اليوم في الجولة الأولى ، التي خضنا غمارها بنفس الوثيرة التي أنهينا بها سابقتها الثانية في مباراة الخسارة ، بضغط عال مع تركيز دفاعي أكبر و قلة الأخطاء على مستوى إبعاد الكرات و تركيز كبير في منطقة الجزاء حين يتعلق الأمر بكرات عرضية أو ثابتة على مشارف منطقة الجزاء أو ركنيات للخصم .. و النتيجة 2-1 لمصلحة المنتخب المغربي .
مع نهاية الشوط الأول ، راودتني أفكار عديدة للأمانة و أسئلة كثيرة تبادرت إلى ذهني و أصبحت أفكر فكيفية إخراج الشوط الثاني و المباراة عامة إلى بر الأمان مع الحفاظ على نتيجة التقدم أو تعزيزها ، هل سوف يكمل رينارد المباراة بنفس النهج ؟ هل سيغيره مع إنزال غانم سايس كلاعب إرتكاز ثان و مبارك بوصوفة كصانع ألعاب و يغير التشكيل إلى 4-2-3-1 ؟ 
– كلها أسئلة سرعان ما إندثرت معالمها ، خصوصا بعد مرور العشر دقائق الأولى بالكيفية اللازمة حيث كنت أخشى من تراجع المنسوب اللياقي لمجموعتنا في مقابل تفوق الخصم بدنيا .. لكن و لله الحمد بدا و أن الطرفان سويا عانيا من نفس النقص في الطراوة البدنية و كان ذلك من حسن حظنا ، ما منحني ثقة كبيرة في حسم أمر النقاط الثلاث .
– مع توالي الدقائق و ضياع بعض الهجمات بسبب سوء التركيز و الإرهاق الحاصل على معظم اللاعبين، كان من الضروري حل ذلك بتغييرات تحيي الجانب الهجومي و تعزز الوقوف الدفاعي الجيد، هذا ما حدث مع دخول الواعد يوسف النصيري بدلا من عمر القادروري و الذي أخد فرصة مواتية و لعب لساعة كاملة مطورا من أدائه ، خصوصا و أنه لا يمارس إلا فيما نذر رفقة فريقه نابولي و بالتالي فإن ساعة من اللعب بتلك الطريقة و ذاك المردود تبقى إيجابية جدا أملين في أن يتمكن من التحسن أكثر فأكثر مستقبلا .
– صحيح أن منتخب الطوغو تحكم في معركة وسط الميدان لفترات طويلة من الشوط الثاني ، نظرا لنقص التركيز و التراجع النسبي للاعب المنتخب الوطني دون التفكير في المجازفة و التقدم كثيرا لعدم ترك مساحات قد يستغلها الخصم معدلا من خلالها النتيجة . 
– ما لاحظته جليا من خلال الأوامر التي تلقاها نبيل درار بعدم اللعب بنفس الطريقة التي خاض بها الجولة الأولى ، حيث إكتفى بالدعم الهجومي على الأطراف دون التقدم نحو مربع العمليات و هذا ما جعل الجهة اليسرى للمنتخب الطوغولي دون حلول هجومية فعلية مصوبين تركيزهم نحو جهة حمزة منديل نظرا لصغر سنه و قلة خبرته و أيضا عامل العياء الذي عانى منه في أخر 25 دقيقة تقريبا خصوصا و أنه قطع مسافات كبيرة و قدم أداء راقيا. 
في حين ضل فيه كريم الأحمدي مركزا بشكل كبير بمعية مبارك بوصوفة مع التحفظ على بعض الأخطاء في التمرير و قراءة لعب الخصم ، إلا أن الجانب الدفاعي لكلا اللاعبين كان عليا جدا و تمكنا من تقديم الدعم الكافي لثلاثي خط الدفاع .

سلاح الهجمات المرتدة الخاطفة و الخبث الكروي ؟ هذا ما كان يلزمنا في أخر الدقائق و هذا فعلا ما تمكنا من تجسيده عن طريق هجمات عدة ضاع بعضها بسبب عدم التركيز و البعض الأخر بدعوى التسرع و سوء التعامل في الثلث الهجومي الأخير . 
 حتى أتى البديل يوسف النصيري بالحل إثر كرة خاطفة إنسل بها نحو دفاع الخصم في وضعية مهاجم ضد مدافعين ، تمكن من تسديدها بالشكل اللازم من خارج مربع العمليات لترتطم بالأرض خادعة حارس مرمى معلنة عن الهدف الثالث للأسود .

18 دقيقة أخيرة من عمر اللقاء ، تعامل معها هيرفي رينارد و لاعبيه كما يجب .. توظيف مميز لشتى الخطوط مع تواصل المد الدفاعي و الهجومي للاعبي الأطراف و إنعدام الأخطاء الفردية مع تسجيل محاولة خاطفة كادت أن تمنح الطوغو هدف تقليص الفارق لولا مجاورة الكرة للقائم الأيسر من مرمى منير المحمدي بعد خطأ فادح و مشترك في وسط الميدان .

تكتيك مميز و ذكي قاد به الثعلب الفرنسي المقابلة ، و ما أثار إنتباهي شخصيا هو المحافظة على المهاجم عزيز بوهدوز طيلة التسعين دقيقة رغم العياء الذي ظهر عليه ، إلا أن تمركزه و براعته في معاكسة قلبي دفاع الخصم كانت إيجابية جدا و منحت الفريق فرصا عديدة كان بالإمكان إستغلالها على النحو الجيد و تسعين دقيقة كهاته سوف تمنحه الثقة و الرغبة في تقديم المزيد .. حركة ذكية من رينارد أمانة .

فوز مهم و معنوي لأبعد مدى نعم ، وجب الوقوف على بعض النقاط السلبية في التحضير لمباراة ساحل العاج و أتمنى شخصيا أن أرى المهدي بنعطية في وسط ثالوث الدفاع و توظيف مروان داكوسطا على الجانب الأيمن إن أراد الفرنسي مواصلة المشوار بنهجه هذا .. بنعطية يعاني من بطئ شديد و الرواق الأيمن يتطلب مدافعا سريعا يخفف من حدة الوضع مع الصعود المتواصل للاعب الجناح . 
 و أيضا بعض النواقص الدفاعية على مستوى خط الوسط ، مع التركيز أكثر على المنسوب اللياقي من أجل الدخول للمباراة بالكيفية الأنسب حتى لا نقع في شراك ما فات .

حبدا لو إبتعد اللاعبون قدر المستطاع عن مواقع التواصل الإجتماعي في هاته الفترة بالذات ، من أجل التركيز بكيفية أفضل على مباراة مهمة و مصيرية و التحضير لها كما هو متوقع .. فلاطالما كانت تلك الوسائل سلاحا ذو حدين و الثقة المفرطة في النفس عقب كل ما تتداوله بعض الصفحات قد تنعكس علينا بالسلب لا بالإيجاب.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *