محترفي أوروبا

الطريق إلى إشبيلية : طريق طويلة

جل المغاربة في بعض الفترات تغَنَّو بمقولة قليلون من هم يعرفون مغزاها ألا و هي “تكشبيلة تيوليولة” و هي تحريف عن عبارة “طريق إشبيلية، طريق طويلة” التي كان يحكي عنها مغاربة الأندلس بعدما تم تهجيرهم إثر سقوط آخر مماليك إسبانيا.

اليوم و بعد أزيد من خمس قرون، عاد ثلاثة مغاربة إلى إشبيلية، لكن ليس لاسترجاع أمجادها المغربية و إنما لتحقيق النجاح رياضيا و ذلك من بوابة نادي إشبيلية لكرة القدم. الطريق إلى النادي لم يكن سهلا على الدوليين المغاربة لإثبات حضورهم وسط واحد من أعرق نوادي إسبانيا، هنا نتحدث عن حارس عرين الفريق ياسين بونو الذي تدرج بالفئات الصغرى لنادي الوداد الرياضي المغربي.

بداية تألق الحارس المغربي كانت قبل عشر سنوات بالضبط في نهائي دوري أبطال أفريقيا ضد الترجي التونسي، رغم الإقصاء كان ياسين بطلا و رجلا للمباراة في أعين المغاربة، و ما هي إلا سنة و نصف، فقد كانت كافية لاحترافه مع نادي أتليتيكو مدريد، النادي الثاني بالعاصمة الإسبانية. احترافه كان خطوة أخرى في سلم الاحتراف رغم حضوره مع رديف النادي ثم إعارته لموسمين بدءًا من موسم 2014 مع نادي سرقسطة لتتم إعارته مرة أخرى لنادي جيرونا موسم 2016 ليحقق معه لقب الدرجة الثانية و الصعود إلى دوري الأضواء الإسباني.

ظهور الحارس مع فريق مغمور لموسمين في الدوري الإسباني عرف تألق ياسين رغم سقوط الفريق إلى دوري الدرجة الثانية، لكن بونو أبى العودة إثر تقدم إشبيلية بعرض إعارة لموسم واحد. حضور ياسين كان قليلا في ظل تألق الحارس الأول. كانت فرصة الظهور الأول بعد إصابة الحارس الأساسي للفريق، فرصة ذهبية التي انقض عليها أسد الأطلس و كانت كافية لإثبات جدارته برسمية الدفاع عن عرين الفريق الأندلسي الذي توج معه بكأس أوروبا و ضمان المشاركة في دوري أبطال أوروبا.

نجاعة الحارس و تألقه سارع بمسيري النادي لتفعيل أحقية الشراء من نادي جيرونا لضمان استمراريته مع الفريق لغاية يونيو 2024 و ما كان لياسين إلا أن يثبت ثقة الفريق و ذلك بتألقه المستمر في الدفاع على شباك خالية من الأهداف في إثنى عشر لقاء كان آخرها ضد العملاق البرشلوني في ذهاب كأس الملك.

أما المتألق الثاني، و الذي كان طريقه صعبا على غرار زميله في الفريق، هو يوسف النصيري ابن مدينة فاس. بداياته كانت مع ناد عريق مغربي آخر و هو المغرب الفاسي. أبجديات المهاجم كانت رفقة فريق العاصمة العلمية ليخطف أنظار أكاديمية محمد السادس، هذه الأخيرة و بفضل ناصر لارغيت أيضا كان أول احتراف للدولي المغربي موسم 2015 لنادي شباب ملقا الأندلسي.

اجتهاده الملفت عجل بإشراكه مع الفريق الأول لملقا و هو في سن التاسعة عشر، وإصرار اللاعب على تطوير مستواه كانا كفيلين لضمان وجود اسمه بقائمة الفريق موسم 2017/2018 ليسجل أربعة أهداف. في نهاية الموسم تلقى يوسف عرضا من فريق ليغانيس، لينتقل إليه و يسجل معه 9 أهداف موسم 2018/2019 ، ثم أربعة أهداف في نصف الموسم الماضي لينتقل هو الآخر لصفوف إشبيلية و يسجل أربعة أهداف مع الفريق في الليغا و تتويجه بكأس الويفا مع النادي رفقة زميليه ياسين بونو و الحدادي.

لوبيتيغي، مدرب الفريق الأندلسي وضع ثقته في النصيري هذا الموسم بعدما كان بديلا للهولندي دي يونغ، و مع كل مباراة أثبت أنه الأجدر لمركز المهاجم في الفريق، بعدما اعتلى صدارة الهدافين في الليغا تساويا مع الأورغوياني لويس سواريز.و لكي لا ننسى تألق يوسف مع المنتخب نذكر هدفه الجميل ضد منتخب إسبانيا في نهائيات كأس العالم الأخيرة رغم الانتقادات التي تعرض لها منذ احترافه، هذا قوى اللاعب أكثر فأكثر و كان دافعا لتألقه مع نواديه و منتخب بلاده.

يبقى ثالثهم -المغاربة- هو الملتحق مؤخرا بالأسود بعد مسلسل أحداث الفيفا، منير الحدادي الذي تلقى تكوينه في أعرق نوادي أوروبا و إسبانيا، جاور الثلاثي نيمار، ميسي و سواريز. كان له حقه في التألق رفقة الكتلان إلا أن بوصلته أرشدته إلى نادي الأندلس هو الآخر. منير الذي كان دائم التعلق ببلده الأصل رغم ترعرعه بإسبانيا، مغربي آخر من لاعبي الفريق المتميزين و لطالما تألق في جل مبارياته التي لعب بها سواء كأساسي أو احتياطي.

ثلاثة مغاربة يحملون علم المغرب في الأندلس آملين أن يعود أسامة إدريسي إليهم بعدما تمت إعارته لأياكس الهولندي لكسب دقائق لعب أخرى و استرجاع مستواه الذي أغرى في السابق مونشي، المسؤول عن انتداب اللاعبين بالنادي.