متسجدات المحترفين | مواهب من أصول مغربية

لهم جذور مغربية (2) : (حصري للمرصدپرو) : متوسط ميدان فريق «النِِّصال» لن يتوانى أبدا في تحقيق رغبة والدته

شاءت إرادة الخالق أن تغادر إبنة الدار البيضاء نجاة شادير العاصمة الإقتصادية للمملكة تجاه العاصمة الإنجليزية لندن من أجل إستكمال دراستها الجامعية و هناك إلتقت بزوجها الإيرلندي-الإيطالي الأصل ليرزقا بعدها بمولود كُتِب له أن يحترف كرة القدم و يصول ويجول بملاعب أكبر دول المملكة المتحدة الخمس مساحة و أعرقها من حيت الصِّيت الكروي.

سمير كاروذرز … البدايات و بلد الوالدة.
رأى سمير بدر كاروذرز Samir Badre Carruthers النور في الرابع من أبريل سنة 1993 في دائرة برينت اللندنية، بدأ أولى خطواته الكروية في أحد نوادي مدينة هاتفيلذ المتواجدة بكُونتِية هارفورذشير جنوب العاصمة لندن، عند بلوغه سن التاسعة إستقدمه نادي كامبريدج يونايتد ليمثل فئة أقل من 10 سنوات و في ذات الفترة تدرب في مناسبات عديدة رفقة براعيم أكاديمية مانشستر يونايتد، بعد مرور أربع سنوات تخلى نادي كامبريدج يونايتد عن كل فئاته السنية وكان لزاما على كل ناشئي الفريق البحث عن أفاق جديدة، الفتى اليساري الموهوب لم يبتعد كثيرا إذ حط الرحال سنة 2005 بدائرة إيزلينگتن اللندنية ليمضي عقدا مع فريقه المفضل أنذاك ؛ نادي أرسنال وظل مع النادي لمدة أربع سنوات مثل خلالها نادي المدفعجية كقائد لفئة أقل من 16 سنة مع ظهور متكرر رفقة فئة أقل من 18 سنة و مع ذلك ففي صيف سنة 2009 رفض عرضا بمنحة دراسية للبقاء بالأرسنال وكذا عرضا أخر من فولهام مفضلا التوقيع لأستون ڤيلا القطب الكروي الأكبر لمدينة بيرمينگهام؛ تاني كبرى مدن إنجلترا بعد العاصمة لندن وفي هاته الفترة إنبثقت موهبته رفقة فئتي أقل من 19 سنة و الفريق الثاني لأسود الڤيلانس ما مكنه من الحصول على أول إستدعاء دولي و كان ذلك سنة 2011 من طرف مدرب منتخب إيرلندا الجنوبية تحت 19 سنة پول ضولان وشارك كعضو فعال مع المنتخب الذي وصل للمربع الذهبي لكأس أمم أوربا تحت 19سنة.
يشغل سمير كاروذرز ذو المتر وثلاثة وسبعين سنتيمترا جميع المراكز في خط وسط الميدان، إذ سبق له اللعب كرجل إرتكاز في وسط الميدان الدفاعي بتأديته لأدوار الإسترجاع معتمدا على ذكائه في التمركز و قراءته الجيدة لهجمات الخصم و البناء من الخلف بفضل مهارته بالكرة التي عرف بها منذ كان فتيا ورؤيته للملعب وكذا كرجل وسط متقدم؛ صانع ألعاب إذ تبين أرقامه مدى نجاعته في هذا المركز حيت صنع العديد من الأهداف لزملائه إضافة لقدرته على اللعب في الجناحين ومن خلال بعض التصريحات الصحفية لمدربين تعاقبوا على تدريبه يتضح أن اللاعب يتوفر على قدم يسرى مهارية إضافة لسخاءه البدني على رقعة الملعب وكذا نضجه التكتيكي العالي، و يتوفر اللاعب ذو 24 ربيعا على ثلاث جنسيات مختلفة ؛ الإيرلندية ، الإنجليزية و الجنسية المغربية إضافة لإمكانية حصوله على الجنسية الإيطالية نظرا لآنحدار أبيه من أم إيطالية.
بعد التقرب من عائلة اللاعب بالمغرب، إتضح لنا بالملموس ومما لا يدع مجالا للشك أن متوسط الميدان الجديد لنادي شيفلد يونايتد متصدر الليگ وان (League One) لن يمانع بتاتا بتمثيل المنتخب المغربي إن سنحت له الفرصة بذلك، نظرا لأن تلك تبقى رغبة والدته التي يرتبط بها بشكل وجداني كبير بالإضافة لتشبته القوي بأصوله المغربية وذلك بمداومته على زيارة بلد أمه كل صيف. وفي سياق متصل أكدت عائلة اللاعب أنه يتوفر مسبقا على الجنسية المغربية بمختلف الوثائق الثبوتية ولم يسبق له التوصل بأي إشارة من الجامعة الملكية لكرة القدم كما أكدوا تمكنه من اللغة العربية وهذا ما سبق له التصريح به شخصيا في حوار كتابي مطول للجريدة الرياضية الأسبوعية “The League Paper” حيت قال : “والدي رائعين، منذ صغري كان أبي يشجعني على مزاولة كرة القدم. لكن، في نفس الوقت، أمي كانت هنا دائما لتشير أن الدراسة هي الأولوية، هي مغربية الأصل والمولد و انتقلت لإنجلترا قصد إتمام دراستها في الجامعة وهناك إلتقت بأبي، لم يسبق لي أن سألتها عن سبب مغادرتها للمغرب لكني أعتقد أنها أرادت فقط حياة أفضل، حاليا هي تعمل كصيدلانية في أحد المستشفيات بلندن، هناك في المغرب لدي عائلة كبيرة، قبل أن أصل إلى المستويات الجدية في كرة القدم كنت أداوم على زيارتهم باستمرار كل صيف، أتحدث اللغة العربية بطلاقة و أعتبر نفسي محظوظا لتمكني من إيجادتي لللغتين معا، أن يُزرعَ فيك شيئ بشكل طبيعي منذ سن مبكر أسهل من أن تبدل مجهودا لتعلمه عندما تكبر، عندما كنت في أستون فيلا كان لديهم لاعب مغربي، كريم الأحمدي، عندما كنا نحن الإثنين نحتاج للتكلم معا عن شيء شخصي أو التذمر حول أحدهم أو حتى قول شيء سيء كنا نستخدم اللغة العربية دون الحاجة للتأكد من أن لا أحد يسمع، إستعملت هذا كثيرا مع والدتي أيضا، رغم أنها تتحدت اللغة الانجليزية بطلاقة إلا أنه عندما كنا نود التكلم بخصوصية نغير الحديث من الإنجليزية للعربية، أبي لم يكن يروقه ذلك كثيرا ، دوما ما يعتقد أننا نتكلم عنه”.

صورة من إنستگرام سمير كاروذرز بشاطئ أكادير معلقا عليها “العودة إلى المَوْطِن”

في حضرة الكبار.
عندما رفض سمير كاروذرز البقاء مع فريق أرسنال بعد أربع سنوات لعبها بألوانه وهو الذي كان عاشقا لفريق المدفعجية و أحد مشجعيه عندما كان طفلا، سُئل عن سبب هذا الرفض فأجاب قائلا :” لقد عرضوا علي منحة دراسية، لكنني لم أود البقاء، عندما يتم إسقاطك مرات متكررة فإنك تسأم الأمر وشخصيا لم أشعر أنه كان مرغوبا في و لم أستطع ملاحظة أي علامة تطور تذكر في مستواي وإن نظرت عقدا للوراء ستلاحظ أن أرسنال لم يعتمد على لاعبين أنجليزيين كثيرا، والديَّ لاحظا الأمر أيضا و قالا أن الأمر يسري بالعكس في أستون فيلا ونصحاني بالتوقيع لهم”.
في أستون فيلا وبعد التوقيع، إنهمك اللاعب في تطوير مستوياته وهذا ما حصل بسرعة غير متوقعة رغم موهبته التي جذبت إهتمام فولهام و الفيلانس، تطور سريع إستطاع بفضله الحصول على شارة عمادة فريق الشبان وقيادته للتتويج بكأس نيكست جين سيريز بملعب جيوسيپي سينيگاگليا بمدينة كومو الإيطالية عقب هزمه لتشيلسي في النهائي و لعبِ مباريات من حين لأخر مع الفريق الرديف قبل أن يصبح ركيزة لهذا الأخير و سرعان ما ظهر خلال تدريبات الفريق الأول تحت قيادة أليكس ماكليش و يستدعى لبعض مباريات الدوري الإنجليزي إلى أن بصم معه على أول ضهور في البريمييرليگ (Premier League) وكان ذلك في السابع من أبريل سنة 2012 عندما دخل بديلا لباري بانَّان في أخر أربع دقائق أمام العملاق ليڤيرپول و سنه لا يتجاوز التاسعة عشرة ربيعا ليستمر بعدها حضوره المستمر مع كتيبة ماكليش ولو على دكة البدلاء إلى أن دخل بديلا مجددا في مناسبتين بعد الأولى وفي نفس الشهر و كانتا أمام كل من مانشستر يونايتد و ويست برومويتش إلبيون كل هذا خوَّلهُ مكانة ضمن منتخب إيرلندا الجنوبية تحت 21 سنة، لكن إقالة ماكليش من رأس الجهاز الفني للفيلانس و تعويضه بپول لامبيرت حولت تلك الأيام الزهرية لكابوس يؤرقه و يقف عائقا أمام تقدمه، فالأمور كلها تغيرت على حد تعبير اللاعب وبدأت حينها المتاعب، غير مرغوب فيه و غير مستعمل ظل الشاب موسمين متتالين حبيس الفريق الثاني كقائد له و ما زاد الطين بلة إصابة في الركبة أنهت موسمه سنة 2014 و حكمت عليه بالغياب لأربعة أشهر إذ عبَّر في هذا الصدد قائلا :”أنا متأكد أن پول لامبيرت كانت لديه أسبابه الخاصة لكن حقيقة الأمر أننا لم نلتقي يوما وجها لوجه، لم يجلسني ولو مرة واحدة في مقعد البدلاء بل جعلني أشاهد المباريات من المدرجات كأي مشجع، في البداية وقبل مجيئه كانت التجربة كلها جيدة لكن بعد قدومه أصبح الأمر محبطا خصوصا بعدما طال الأمر  ، يصعب شرح الأمر وتبدأ بالشك في قدراتك، كنا نتوفر على مجموعة من الشبان الرائعين لكن لم يحصلوا على أي فرصة تذكر”.
بعد هذا المخاض العسير بدأ كاروذرز في التفكير جديا من أجل إيجاد أفاق أخرى و انطلاقة يعيد بها الإعتبار، انطلاقته بدأت بإعارة لوجهة جديدة تحولت بعدها لعقد شراء.

الرجوع للسكة و تصحيح المسار.
يبدو أن الشاب الأنگلو-مغربي عمل بالمبدأ القائل؛ “خطوة للوراء من أجل خطوتين للأمام” إذ وبعد رجوعه من الإصابة التي ألمَّت بركبته رفقة أستون فيلا، قرر اللاعب خوض تجربة في الليگ وان الإنجليزي ثالث مستوايات الكرة في بلاد مهد الثورة الصناعية، حيث وقع على عقد إعارة مدته ستة أشهر مع فريق ميلتون كاينس دونس (MK Dons) باصما رفقته على بداية جيدة و مسار تصاعدي، فبالرغم من تكرر إصابته مع نهاية عقد إعارته للنادي بقي دونس متشبثا به وساعيا لشراء عقده وذلك ما تأتى له في السادس من غشت سنة 2014 فوقع له لمدة ثلاث مواسم ساهم خلالها بشكل فعال في إنجاز تاريخي للنادي تمثل في صعوده للمرة الأولى منذ تأسيسه لدوري الدرجة الأولى الانجليزي Championship حيث تواجه حينها مع مدربه السابق في أستون فيلا، پول لامبرت الذي كان مشرفا على تدريب بلاكبورن روفرز حينها وكانت مبارة بطعم خاص للاعب فبالرغم من الخسارة 2-3 على ملعب الروفرز إلا أنه عبر عن لحظة تسجيلة في شباك فريق مدربه السابق واصفا إياها بالرائعة، وأكمل قائلا :” ليس لدي أدنى ندم على الرحيل، قرار مغادرة أستون فيلا كان في محله، تجاوزت المائة مبارة هنا في دونس و بالتأكيد ما كنت لأحقق ذلك في الفيلا بارك، في دونس قاتلنا من أجل الصعود و قاتلنا أيضا من أجل تفادي الهبوط، تعلمت الشيء الكثير، كيفية التعامل مع الضغوط وسبل حسم المباريات والطرق لأخرج نفسي من بعض الحالات الشائكة”.
بعد ثلاث مواسم ناجحة له قضاها رفقة ميلتون كاينس دونس تدوق فيها بداية، حلاوة الصعود للتشامپيانشيپ و مرارة الهبوط للليگ وان في أخر موسم، لم يستطع النادي الحفاظ على سمير كاروذرز الذي جلبه نادي بعراقة أكبر من سابقه وبطموح للرجوع للتشامبانتشيب ولما لا للپريمييرليگ التي توج بها سنة 1898، الحديث هنا عن نادي شيفلد يونايتد المعروف بفريق النِِّصال أو سحرة الأبيض والأسود حيث وقع شيفلد متصدر الليگ وان لللاعب في أوائل شهر يناير من العام الجاري بعقد يمتد حتى سنة 2020 و في أول ظهور له بالنادي خلف مردوده صدى طيب لدى مشجعي النادي واتضح ذلك من خلال ردودهم الإيجابية حوله عبر مواقع التواصل الإجتماعي إذ من المبارة الأولى إعتبره الكثيرون صفقة رابحة من المفترض أن تزكي زعامة الفريق لقائمة الترتيب وبالرغم من إصابته الخفيفة بعد المبارة الأولى وابتعاده عن ثلاث مباريات متتالية إلا أنه عاد بقوه حين ظهر لثاني مرة بقميص النِِّصال مهديا تمريرة حاسمة زكت الفوز 4-0 عندما شارك بديلا في آخر 7 دقائق أم أ.إف.سي ويمبلدن واستمر حضوره الإيجابي بعدها بدقائق أكثر وساهم في الفوز على ثالث الترتيب بولطون واندررز بتمريرة حاسمة أخرى. هذا وتعود أخر مبارة له مع سحرة الأبيض والأسود للأسبوع الماضي حين لعب 64 دقيقة خارج الميدان أمام أوكسفورد يونايتد.

أرقام … في إنتظار المزيد.
» الدوري الإنجليزي الممتاز “الپريميرليگ/Premier League” :
3 مباريات كبديل (ما مجموعه 20 دقيقة) و 12 مبارة على دكة البدلاء (بقميص أستون فيلا).
» الدوري الإنجليزي درجة أولى “تشامپيانشيپ/Championship” :
39 مبارة / هدف واحد / 6 تمريرات حاسمة (بقميص ميلتون كاينس دونس).
» الدوري الإنجليزي درجة ثانية “الليگ وان/League One” :
84 مبارة / 5 أهداف / 17 تمريرة حاسمة (بقميص ميلتون كاينس دونس).
» سنة 2017 (بالليگ وان) : 6 مباريات / 247 دقيقة / تمريراتان حاسمتان (بقميص شيفلد يونايتد).
» المسيرة الدولية : 18 مبارة / 4 أهداف (بقميص منتخب إيرلندا الجنوبية فئتي أقل من 19 و أقل من21 سنة).

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *