آراء و مقالات

اسماعيل حميدات، من روما إلى السجن: قصة حياة خارج الكرة

هي قصة غريبة عن لاعب وسط نادي “كومو 1907” اسماعيل حميدات، الموهبة المغربية/الهولندية التي انتقلت من دوري الدرجة الأولى الإيطالي (serie A) إلى السجن إثر ما سمي لاحقا بـ(خطأ قضائي).

كتب بواسطة: فيديريكو غيدي (موقع pistoiasport)

ترجمة بتصرف لـ: المهدي القشيني

إذا كان هناك “كارما” باسماعيل حميدات الآن فهو الآن بالتأكيد في الائتمان. متوسط الميدان السابق للمنتخب الأولمبي المغربي و اللاعب الحالي لنادي كومو الإيطالي؛ المنتمي لمنطقة بستويا، كان دائما ذا حياة عاصفة، لكن في فترة العام و النصف الماضية، كانت أحداث حياته تدور بشكل مزدحم، بشكل جعلته ينتقل في ظرف ليس بالطويل، من صفوف نادي الذئاب روما إلى السجن، قبل أن يولد من جديد رفقة فريق الأسطورة لارياني.

لم تتضح أعمال حميدات السيئة التي تحولت فيما بعد لخطأ قضائية، إلا بعد مرور عشرة أشهر، أي بعد مرور موسم رياضي آخر خلف القضبان، بدلا من مروره داخل ملاعب كرة القدم.

موهوب و متكاسل:

Image

انطلقت قصة حميدات في السادس عشر من يونيو 1995، عندما ولد في مدينة أنشخيده الهولندية، و هي مدينة تقع على الحدود مع ألمانيا، أصوله المغربية من أباءه المهاجرين و موهبته الطبيعية في كرة القدم، واضحة للكثيرين منذ نعومة أظافره.

كان المنتمون لنادي تفينتي أول من أمن بموهبته، حيث فتحوا له المدخل لعالم كرة القدم، و مع ذلك، سينتهي به الأمر بعيدا عن المسار الطبيعي، ففي فترة مبكرة، ظهرت شخصيته المضطربة و المتمردة، لدرجة أنه عوقب بسبب سلوكه السيء حينما كان يبلغ الثانية عشر من عمره فقط. لتكون بذلك بداية التجوال الذي سيقوده في السنوات الست اللاحقة لتغيير ثمانية فرق، بما في ذلك فريقي كريستال بالاص و أندرلخت، لكن رفقة هذا الأخير، لفت اسماعيل الانتباه في بطولة فياريجيو سنة 2014، لتكون بعدها الشرارة الأولى مع الإيطاليين، فقد نقل إلى صفوف فرق فئة البالغين من خلال فريق بريشيا.

حكايته مع “السنونو” انتهت يوم 11 أبريل 2015، بعد أن كان قد سجل هدفا في مرمى بولونيا، و هو أب لطفل صغير.

ليتمكن بعدها من خلال مساعدة وكيل الأعمال الشهير مينو رايولا، من الانتقال لإي سي روما مقابل 3 ملايين يورو.

توقيعه للـ”جيالوروسي”، لم يمنحه أي مساحة وردية، ليبدأ هناك الطموح السلبي الذي سينتهي به لاحقا في السجن.

المجال الضيق، و السمعة السيئة:

Résultat de recherche d'images pour "h'maidat"

في بداية الأمر، و قبل أن يلعب مع كبار روما، تم إرساله على سبيل الإعارة، إلى أسكولي أولا، ثم إلى فيتشنزا ثانيا، و بعد عام و نصف لم يرى فيها الملعب، نفذ صبره داخل غرفة الملابس، لينتقل في سوق يناير 2017، لفريق أولهانينسي البرتغالي الذي لعب معه ثمان مباريات، كما سجل بقميصه هدفا وحيدا، لينتهي به الأمر هذه المرة معارا داخل بلجيكا مع فريق ويسترلو، حيث واجه البؤس ثلاث مرات، قبل أن يبعد مجبرا في يناير 2018 بسبب الغياب المستمر عن التداريب.

لم تتوقف مآسي اسماعيل حميدات عند هذا الحد، ففي العاشر من فبراير 2018، أوقف بتهمة المشاركة في عدة عمليات سطو وقعت خلال الأشهر السابقة في المنطقة القريبة من تورنهاوت المنتمية لمقاطعة أنتفيرب البلجيكية، و التي شملت وكالتين للمراهنة و سوبر ماركت و كازينو و محطة خدمات. فحسب تحليل المحققين من خلال الهواتف المحمولة و كاميرات المراقبة، كان حميدات و سيارته متواجدين دائما بالقرب من مكان وقوع عمليات السطو، إضافة لعثور الشرطة عند اسماعيل على معطف و أحذية مماثلة للتي لبسها اللصوص، و بالتالي، فإن مصير “الموهبة المتكاسلة” كان الحكم بالسجن لمدة أربع سنوات، حكم رافقه فسخ عقده الاحترافي الموقع مع روما.

لكن القضية ستتخذ منحى آخر، فبعد عشر أشهر، اعترف شخص من المعتقلين بارتكابه أربع سرقات من أصل خمس، و ذلك من دون أن يذكر أسماء المتواطئين معه، الشيء الذي جعل حميدات يعفى من السجن، ليتمكن من استئناف مسيرته الكروية مرة أخرى، هذه المرة من نقطة الصفر، بدون عقد، و بسمعة سيئة لم يتخلص منها رغم الحكم بالبراءة.

كومو الإيطالي و الانطلاقة الجديدة لحميدات:

استأنف اسماعيل أحلامه و لم يتخل عن كرة القدم التي منحته الفرص باستمرار، و للبدء من جديد، وجد باب نادي كومو الإيطالي مفتوحا في وجهه، الفريق الصاعد حديثا لدوري الدرجة الثالثة الإيطالي (Serie C)، و مع نادي الأسطورة برونو لارياني، باشر حميدات تدريباته في الفترة الإعدادية السابقة لانطلاق الموسم، حيث أخذ فرصته في الملعب من خلال بعض المباريات الودية.

لم يفقد اسماعيل لمساته السحرية فوق المستطيل الأخضر، فحركاته و تقنياته لم تختلف في صفاتها عن حركات اللاعبين المحترفين، و هو في سن الرابعة و العشرين، تمكن من إقناع المدربين لأجل منحه عقدا و مكانة مستحقة داخل أسوار الفريق الإيطالي.

تمكن اسماعيل خلال الجزء المنقضي في الموسم الحالي من العودة إلى عمل الشيء الذي فعله دائما بشكل أفضل، تمكن من العودة إلى كرة القدم. لعب مبارتين في كأس إيطاليا، 64 دقيقة في المواجهة ضد فريق غوزانو، و 13 دقيقة ضد ريناتي، و مع انطلاق الدوري، استمر في تألقه من خلال مركزه في وسط الميدان، حيث فاز نادي كومو بأول مبارتين و التي واجه فيهما ناديي بيرجوليتيسي و غوزانو، لكن وصولا عند آخر مبارتين، فالفريق خسر في مواجهة كل من مونزا و ريناتي، بينما اللاعب كان يجلس في مقاعد الاحتياط، الشيء الذي يطرح التساؤل حول إن كان وراء هذا الجلوس قضية أخرى، لكن من المحتمل أيضا أن المدرب بانشيني يبحث عن طريقة أخرى لإعطاء مكانة أساسية للاعب داخل الفريق.

فطوال الوقت، كان المستطيل الأخضر هو المكان الوحيد الذي استطاع فيه حميدات ارضاء الجميع.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *