متسجدات المحترفين

العربي بن مبارك: الهداف الأسطوري لأتليتيكو مدريد الذي لم يجد طريقه إلى شباك برشلونة

larbi

بينما يتأهب عشاق كرة القدم للاستمتاع بمباراة هذا الأربعاء بين برشلونة وضيفه أتليتيكو مدريد، نستحضر معكم قصة النجم المغربي الراحل الذي لم يتمكن من هز الشباك في أي من المواجهات الثماني التي خاضها ضد النادي الكاتالوني بين عامي 1948 و1952، رغم أنه ساهم بشكل واضح في صنع أهداف فريقه الأحد عشر في الطريق إلى تحقيق ثلاثة انتصارات وتعادل واحد مقابل أربع هزائم ضد البلاوغرانا.

تزخر مواجهات برشلونة وأتليتيكو مدريد بالعديد من اللحظات الخالدة والطرائف المثيرة والأرقام والإحصائيات التي قد لا ينتهي المرء من عدها. وسواء كان الفوز من نصيب البلاوغرانا أو لصالح الكولتشونيروس، فإن المباريات التي دارت رحاها بين الفريقين الكاتالوني والمدريدي تميزت في الغالب بكثرة الأهداف وطغى عليها دائماً التنافس المحتدم والندية الكبيرة على مر العقود، وذلك منذ اللقاء الأول بينهما في أواخر مايو 1929.

وسواء تعلق الأمر بمواجهات الليغا أو الكأس أو حتى بالمناسبات القليلة التي تقابل فيها الطرفان في دوري أبطال أوروبا، فقد شهدت المعارك الكروية بين برشلونة وأتليتيكو أهدافاً تاريخية حملت توقيع عدد من الأساطير والنجوم الذين ظلت أسماؤهم منقوشة بأحرف من ذهب في ذاكرة كرة القدم الإسبانية والعالمية.
ولعل الأجيال الحالية من عشاق الساحرة المستديرة مازالت تتذكر تلك الأهداف التي أشعل بها المدرجات كل من ستويشكوف والبرازيليين روماريو وريفالدو ورونالدو ثم رونالدينيو، قبل أن يستلم ميسي المشعل ويتحول إلى الكابوس المزعج الذي يهابه مدافعو الكولتشونيروس، ناهيك عن نيمار ولويس سواريز في المواسم الأخيرة، ومارادونا في الثمانينات ومن قبله إيفاريستو وسيزار وباسورا ومورينو وكرويف بين خمسينات وسبعينات القرن الماضي. وعلى الطرف الآخر، ضمت قائمة هدافي الروخيبلانكوس في مرمى البلاوغرانا كلاً من أغويرو وفيرناندو توريس وفوتري وفورلان وسيماو وغيرها من الأسماء التي تألقت على المستطيل الأخضر منذ مطلع القرن الحادي والعشرين، فضلاً عن ميغيل وكارلسون وإسكوديرو وكويار وميندوسا ولويس أراغونيس وبقية الأساطير الذين تركوا بصمات خالدة في تاريخ المواجهات بين الفريقين الكاتالوني والمدريدي على مر العقود.
أسطورة في طي النسيان
لكن بإلقاء نظرة فاحصة على سجل المباريات بين البلاوغرانا والكولتشونيروس، نجد أن التاريخ مر مرور الكرام على “الجوهرة السوداء” العربي بن مبارك، الذي قال في حقه الأسطورة البرازيلي بيليه “إذا كنت أنا ملك كرة القدم فالعربي بن مبارك هو إله كرة القدم”.
صحيح أن النجم المغربي الراحل لم يتمكن من هز شباك برشلونة في أي من المباريات الثماني التي خاضها ضد النادي الكاتالوني بين عامي 1948 و1952، بيد أنه ساهم بشكل واضح في صنع أهداف فريقه الأحد عشر في الطريق إلى تحقيق ثلاثة انتصارات وتعادل واحد مقابل أربع هزائم ضد البلاوغرانا.
ويُجمع المتخصصون في تاريخ كرة القدم الإسبانية على أن بن مبارك كان سيتصدر العناوين في الوقت الحالي إلى جانب صورة ميسي وكريستيانو رونالدو لو وُلد في عقد الثمانينات، مؤكدين أنه كان نجم نجوم أتليتيكو بلا منازع في منتصف القرن الماضي عندما انتقل إلى فريق مدينة مدريد قادماً إليه من نادي ملعب فرنسا مقابل 17 مليون فرنك فرنسي، في صفقة اعتُبرت خيالية آنذاك. لكن ابن الدار البيضاء سرعان ما أظهر علو كعبه على ملاعب الليغا، حيث سجل ستة أهداف في عامه الأول ثم 11 و14 في العامين التاليين تحت إمرة المدرب الأسطوري هيلينيو هيريرا، مساهماً في تتويج فريقه بلقب الدوري الإسباني مرتين متتاليتين (1949ء50 و1950ء51). وقبل مغادرة أتليتيكو، قدم العربي لجماهير الروخيبلانكوس هدية نفيسة ظلت محفوظة في ذاكرة الديربي المدريدي إلى الأبد، عندما أحرز ثنائية شخصية قاد بها رفاقه إلى الفوز التاريخي 3ء6 في عقر دار الريال، ليسدل الستار على فصل مشرق من فصول مسيرته الرياضية، حيث ودَّع قلعة الكولتشونيروس بعدما سجل 58 هدفاً في 114 مباراة ضمن منافسات الليغا.
إنصاف طال انتظاره
شاءت الأقدار أن يغادر بن مبارك الملاعب الإسبانية دون أن تطأ قدماه أرض الكامب نو، الذي دُشن بعد ثلاث سنوات فقط من عودة النجم العربي إلى فرنسا حيث خاض محطته الأوروبية الأخيرة في صفوف أولمبيك مارسيليا الذي لعبه له خلال موسم 1954ء1955، قبل أن يخوض تجربة قصيرة في الجزائر ومن ثم يعود إلى مسقط رأسه المغرب، حيث وضع حداً لمسيرته وهو في ربيعه الأربعين، ليستلم في وقت لاحق
مهمة تدريب منتخب بلاده.

وبينما لم يُحالفه الحظ في التسجيل خلال أي من المواجهات التي خاضها ضد البلاوغرانا، شاءت الصُدف أن يفارق بن مبارك الحياة في الأسبوع الذي تزامن مع اللقاء الذي جمع بين برشلونة وأتليتيكو مدريد بملعب فيسنتي كالديرون يوم 19 سبتمبر 1992 ضمن مرحلة ذهاب الليغا، حيث جاءت لحظة الإنصاف والتكريم عندما وقف أصحاب الضيافة ونجوم “فريق الأحلام” الكاتالوني بقيادة المدرب الأسطوري يوهان كرويف دقيقة صمت احتراماً وإجلالاً لروح “الجوهرة السوداء” قبل انطلاق تلك المباراة التي سحق فيها الضيوف كتيبة الكولتشونيروس بنتيجة 1ء4 بعد أداء باهر من غوارديولا وكومان ولاودروب وغييرمو آمور وستويشكوف، الذي سجل ثلاثة أهداف بالتمام والكمال.
أما لحظة الإنصاف الثانية فلم تأت إلا بعد ست سنوات من وفاته، عندما سلمه الاتحاد الدولي لكرة القدم (الفيفا) وسام الاستحقاق تقديراً لخدماته الجليلة وإنجازاته القيِّمة خلال مسيرة كروية عرقلتها الحرب العالمية الثانية قبل أن يطويها النسيان.

العربي بن مبارك: الهداف الأسطوري الذي لم يجد طريقه إلى شباك برشلونة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *