متسجدات المحترفين

تخيلت يوم يعود تاعرابت للزئير مع الأسود

العنوان يعبر عن كل شيء، عنوان لو رآه أي مغربي عاشق لكرة القدم، لفهم المقصود، و لغاصت مشاعره في تخيل أرقى اللمسات الكروية، عادل تاعرابت، تلك الموهبة الخيالية التي أنعم بها الله على المنتخب المغربي في وقت لو استغلها الأسود لأصبحوا المنتخب المحتضن لموهبة القرن الحالي.

مشكلة عدم الاستفادة من هذه النعمة متبادل ، فلا تاعرابت كان مجتهدا في التدريب الشخصي و منضبطا خارج الملعب و لا المنتخب المغربي كان مستقرا في تشكيلته الفنية (مدربين،لاعبين،إدارة فنية و تقنية،جامعة…) ، تاعرابت اكتشف في فترة يمكن اعتبارها من فترات انحطاط كرة القدم المغربية، الشيء الذي شكل (إضافة لعدم تميزه بالانضباط الشخصي و الجماعي) عائقا في سبيل تطور هاته الموهبة و اندماجها بشكل كامل في باقي المنظومات التكتيكية سواء للفرق التي لعب لها تاعرابت أو للمنتخب الوطني المغربي، و المشكلة الانضباطية لتاعرابت من مظاهرها أنه لا يرضى بكرسي الاحتياط ما يعد مظهرا من مظاهر عصيان المدرب، مثلما حدث له في حقبة ايريك غيرتس حين ترك معسكر المنتخب المغربي عشية إحدى مباريات المنتخب قبل خمس سنوات، وغادر نحو الديار الأوروبية ، أو مثلما أجلسه هاري ريدناب عديد المرات في كرسي احتياط كوينز بارك لأسباب غامضة، هي مشاكل عديدة جعلت موهبة عادل تهمش، و لم نرى إشعاعها مرة أخرى إلا بشكل مفاجئ رفقة المدرب كلارنس سيدورف حينما أشرف عليه في نادي سي ميلان ، فعادل و منذ أول مباراة له مع الروسونيري سجل في دقيقته السابعة هدفا لا ينسى على نابولي في مرمى الحارس الإسباني بيبي رينا، في ذلك الموسم تحققت نظرية نشرحها كالآتي (إذا لعب تاعرابت في المبارة فإن الميلان لا يهزم، و إذا لم يلعب فإن الميلان لا يجب عليه البحث عن النقاط الثلاث) ، لقد شكل ثنائيا رائعا مع الأمير كاكا و نشرا بكل بساطة و روعة السحر فوق ملاعب جنة المستديرة، و ليس هناك من ينسى القنطرة الصغيرة التي مررها “مول البيض” بسلاسة بين أقدام الأسطورة بيرلو، لكن المشاكل استمرت مع تاعرابت ، فالفريق اللومباردي و حسب نظر الكثير اعتمد سياسة “التفاحة الفاسدة” مع تاعرابت ، و كان يجلسه في الاحتياط لمباريات عديدة حتى يكون ثمن شرائه (بعد نهاية إعارته) منخفضا، لكن بعد نهاية الإعارة و عودته إلى كوينز بارك -عودة كان من المتوقع أن تكون مؤقتة- فاجئ المدير الفني للفريق الإنجليزي هاري ريدناب الجميع بتمسكه بعادل و خلق الفريق عراقيل عدة في وجه انتقال عادل مرة أخرى إلى الميلان، و بعد نهاية الميركاتو و تأكد بقاء عادل توقع الجميع أن تاعرابت سيكون أساسيا مع ريدناب لكن الموسم مر دون أن يكون عادل أساسيا إلا مرات نادرة إن لم نقل منعدمة ، فعاد تمرد عادل و طيشه و تعززت نزعته بعدم احترام القوانين، انغمس تعرابت في الأذهان الحالمة لعشاق الكرة، بين محاسب على عدم الانضباط و بين محاسب للفرق على عدم إعطاء الفرصة للاعب، لكن الكل اتفق على الرغبة الجارحة في رؤية من وصفه الكرواتي مودريش بأنه كان أكثر الموهوبين في وقته بفريق توتنهام، الكل اتفق كذلك على أن تاعرابت هو الموهبة المغربية الأولى في العشر سنوات الأخيرة، الكل حن لرؤية الكرة تمر بين أقدام كل من تجرئ على محاولة انتزاع الكرة من تاعرابت . كانت هناك طفرة أمل كبيرة مع توقيعه لعقد لأجل نادي بنفيكا البرتغالي لكن عدم لعبه لأي ثانية مع الفريق حرم المتابعين من تلك المتعة التي أحسوا بنشوتها جزئيا حينما أشرك مع الفريق الثاني للنسور ، انطلقت صافرة البداية، أمسك عادل الكرة و انطلق نحو الخصم و قبل أن يقترب للمربع سدد كرة سكنت الزاوية العليا للحارس في اقل من 18 ثانية، لقد كان هدفا بمثابة تذكير بأن “مول البيض” لم يفقد موهبته، ما جعله يوقع في إياب الموسم الماضي لنادي جنوة الإيطالي، لم يلعب تاعرابت دقائق كثيرة إذا استثنينا مبارته الرائعة ضد فيورونتينا حينما ساهم في هدفين لفريق من خلال تمريرتين حاسمتين . و مع نهاية الموسم بدأت كتابة ما يمكن أن نسميه الفصل الثاني من مسيرة “مول البيض” ، فالفترة الإستعدادية بدأت بتخلي المدرب عن تاعرابت و إقصائه من لائحة فريق جنوة لكن مع تكثيف مضاعف لعادل في برنامج تداريبه البدنية لأجل تخفيف الوزن و تحسين مستواه البدني أكثر فأكثر و مع تحسين نمط عيشه الشخصي بعيدا عن الملاهي، أحس المدرب بالرغبة الجامحة للفنان المغربي بالعودة إلى الميادين ، فأصبح تاعرابت ضمن اللائحة النهائية للنادي في الدوري الإيطالي موسم 2017/2018 ، لم يكن اندماج عادل مع أجواء الكالشيو بالشيء العسير و هو من قدم فيه أروع المستويات فيه سابقا مع الميلان ، بدأ الموسم و بدأت فنيات تاعرابت بالانتشار ، لكن المفاجئ حقا هو ظهور “البروفايل” الجديد لعادل ، و هو صانع الألعاب الفنان القادر على توظيف مهاراته الفردية في خدمة التكتيك الجماعي للفريق مع مساندات دفاعية كثيفة لأجل المساهمة بشكل أ
كثر في سبيل تحقيق نقاط الفوز، لقد أصبحنا نرى تاعرابت يلعب بشكل جماعي “دون تأثير على لوحاته الفنية” كما تمنيناه، الشيء الذي جعله يحظى بعفو كل من كرهه في وقت ما على فعلته الشهيرة في معسكر المنتخب، عادل قدم تصريحات إعلامية عديدة وصف فيها ندمه الشديد و رغبته الجارحة في العودة للزئير مع الأسود، كل ذلك جعل الناخب الوطني هيرفي رونار يتتبعه و يراقب مستواه مع جنوة، و رغم أن التكهنات كانت عديدة بمشاركته مع الأسود في مبارتي الغابون و الكوت ديفوار (الشيء الذي لم يتحقق) ، إلا أن رونار أبان عن متابعته المستمرة للاعب، مظهرا أن عودته للدفاع عن عرين المنتخب هي مسألة وقت، ما جعل عادل يرفع من مستواه شيئا فشيئا مع فريقه و يحسن مستواه الدفاعي بشكل كبير ، بحيث أصبح يوظف مهاراته بشكل أكبر في تنظيم التكتيك الجماعي لفريقه دون تأثير على لوحاته الفنية الفردية الرائعة التي جعلته أكثر من مرة يمنح زملائه تمريرات حاسمة ذهبية منها ما ترجمت إلى أهداف و منها ما كان مصيرها الضياع و المهم أن عادل مررها بالطريقة الأنسب و الأجمل ، دون نسيان القناطر الصغيرة لـ”مول البيض” و الذي بلغ عددها حتى الآن في الموسم الحالي (حسب إحصائيات أحد أعضاء المرصد برو) سبع قناطر صغيرة نفذت على مختلف اللاعبين في الدوري الإيطالي .

فمتى نرى تلك القناطر تنفذ خلال حمل “مول البيض” للقميص الوطني ؟ متى نرى مهارة عادل الفردية توظف في الخدمة التكتيكية الجماعية لمنظومة هيرفي رونارد ؟ و الأهم في كل ذلك ، متى نرى عادل تعرابت يزأر مرة أخرى رفقة أسود الأطلس ؟

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *