آراء و مقالات | البطولة برو 1

الجيش الملكي: بين منشطات الفوز على كبريات الفرق، و مرض الحرمان من الألقاب

بات فريق الجيش الملكي من الفرق التي تشهد عشوائية التسيير و سوء الهيكلة على المستوى الإداري، و هذا راجع لضعف الكفاءات، و تسليم إدارة النادي لأناس لا تفقه شيئا في أسس كرة القدم، أشخاص مارسوا المهن العسكرية والدركية ليصبحوا اليوم في إدارة تسيير نادي بحجم الجيش !!

فقرابة عشر سنوات أصبح النادي يتخبط في عدة مشاكل و عراقيل تتجلى في طرق سوء التدبير التقني و الرياضي، و هذا واضح من خلال بصمة النادي في السنوات الاخيرة؛ قول متجاوز مع عدم ظهور أي بصمة للفريق عدا اسمه المتماسك داخل فرق الدرجة الأولى، فكيف يعقل أن آخر لقب قاري إفريقي يفوز به الجيش يعود لسنة2005 حينما انتصر في نهائي كاس الكونفدرالية الإفريقي أمام الدولفين النيجيري؟ فهي بمثابة مباراة وداع الألقاب القارية، و التي يعتبر فريق الجيش أول نادي مغربي شارك فيها (1968)، إضافة لكونه أول نادي مغربي حقق لقبها (1985)، في حين تعتبر سنة 2009 الشاهدة على آخر التتويجات المحلية للنادي حينما كان يشرف عليه المدرب الراحل مصطفى مديح.

دخل الفريق بعدها في سنوات جعلته ذلك الفريق المتخبط في نتائج لا تتماشى مع اسمه و تاريخه،

فقد أصبح مكسور الجناح نحو الهاوية، و إذا سألوك عن الجيش الملكي و مكانته حاليا، فأجبهم أنه في أزمة كبيرة منذ عشر سنوات و إذا سألوك عن مرضه و سبب تراجعه، فقل لهم أصابه ورم يجب استئصاله كليا، لكنهم يكتفون بالمهدئات والأدوية، و قل لهم أيضا أن تضارب المصالح الشخصية بالمصالح العليا للفريق و تسوس الرياضة بالسياسة، وانتقال صراعات النفوذ إلى دواليب النادي حوله لأرض المعارك، ناهيك عن تسلط عشوائية التسيير و هو النتيجة الحتمية حينما أنيطت مصلحة الفريق لأيادي خفية لا تفقه في كرة القدم، و ذهبت سواء عن قصد أو غير قصد بمركب النادي عمق الوادي، و الآن هم مكتوفي الأيادي بانتظار معجزة سماوية تنقذ المركب من الغرق، قبل جرفه نحو البحر، أو المحيط مكان تواجد مجموعة من الأندية التي تعاني من نفس المرض المجهول، الذي يرفض أباء كرة القدم تشخيصه، رغم توافر أدويته، المحرمة، أو المحتكرة بيد مجموعة من الأشخاص، يمنحونها لم يريدون، بالثمن الذي يحددون.

إن فريق الجيش الملكي بعدما كان فريقا مرجعيا، أصبح اليوم فريق عادي كباقي الفرق الممارسة و المنشطة للبطولة، مع احتلاله وسط الترتيب، و أحيانا احدى المراكز السبع الأولى، والكل يعلم وضعية الفريق السنة الفارطة، و كيف كان مهددا بالنزول للقسم الثاني، وهذا ما لم يرق لمشجعي الفريق العسكري، فلم نتعود أبدا على ظهور النادي بهذا المستوى ، لم نتعود قط على فريق الجيش الملكي كفريق للتكوين أو حقل تجارب للمشاريع، بل دائما ما ارتبط اسم فريقهم بالألقاب و الصولات و الجولات القارية، و إذا أردنا تحليل هفوات الفريق، فيكفي أن نسأل عن تسيير إدارة الفريق و من يقف خلفها، و من يخطط للمسار الرياضي للفريق. و إذا بحثنا فسنجد وجوه و أسماء بارزة هي من تعاقبت على الفريق وتسببت في الكارثة، منهم من كان يمارس مهنته العسكرية أو الدركية، وفجأة وجد نفسه داخل منظومة تسيير نادي لرياضة لا يفقه فيها شيئا، و آخرون اختاروا سياسة التملق و وضع أيديهم بأيادي لوبيات خوفا على مناصبهم، مع اقتسام العزائم و الهدايا، اذ بات فريق الجيش الملكي بمثابة “حلوى” لكل من دب و هب.

استمررنا في رحلة اليوم، لنجد أنفسنا أمام انعدام تفسير واضح لما يقع للقلعة العسكرية، هل هناك مؤامرة على الفريق ومحاولة إقباره مستقبلا من أجل انعاش فرق أخرى من نفس الجهة؟ أم أن شكل الكرة الحديثة و التسيير الحديث للأندية ،مع دخول الاحتراف للبطولة لم يتماشى مع هيكلة النادي؟ تعددت التساؤلات، و اختفت الإجابات.

حاولنا جس نبض الأوساط الجماهيرية العسكرية، و لاحظنا أن الجماهير أدلت بملاحظات مستحسنة و علامات ارتياح تجاه فترات مجموعة مدربي الفريق خلال السنوات الأخيرة، و الذين كانوا في الأصل لاعبي كرة قدم بالبطولة المغربية عامة، و فريق الجيش الملكي خاصة، و إذا عدنا لسنة 2012، و كذا 2013، فإننا نجد المدرب كان هو الدولي المغربي السابق، و نجم الفريق خلال فترة الثمانينات عبد الرزاق خيري، و الذي تمكن في ذلك الموسم من قيادة الفريق نحو وصافة الدوري و الكأس، لكن فجأة ما انقلبت الكفة، ليعود الفريق إلى المصير المجهول.

فقد الجيش الملكي هويته، و أصبح تائها بين التسيير التقليدي القديم بما كان يحمله من صبغة انضباطية عسكرية، و التسيير الكروي الحديث، فالأخير يعمل جاهدا على تحويل الأندية لشركات، و محاولات كثيفة لجلب مستشهرين، الشيء الذي يفتقده الفريق بدعوى أنه فريق استثنائي تابع للنظام العسكري.

وصل السيل الزبى، و لم تعد الجماهير قادرة للتحلي بصفة الصبر على الفريق، و على الألقاب الغائبة منذ ما يزيد على العقد، و رغم ذلك، فإن الفريق ظل محافظا على قاعدة جماهيرية جد محترمة، واسعة الانتشار، داخل العاصمة و خارجها، تسعى وراء فريقها أينما حل و ارتحل، لتكون نقطة الضوء الوحيدة في ظل كل التراكمات المذكورة أعلاه، تتغنى دوما و ترتفع أهازيجها وسط المدرجات، رافعة اسم الألوان الثلاث، مطالبة برحيل كلي لجميع فعاليات الإدارة، بغية استقطاب أشخاص ذو خبرة في المجال الرياضي، فالفريق يحتاج لأبنائه و أبناء المدينة الغيورين على القميص، و لهم رغبة فعلية بإرجاع اسم الزعيم من وسط المعاناة، لهم رغبة في إزالة غبار الخزينة المتراكم منذ ما يزيد على العشر سنوات.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *